ناصر مقدادي مشرف
عدد الرسائل : 475 تاريخ التسجيل : 03/07/2007
| موضوع: القرني الثلاثاء يناير 22, 2008 11:23 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
ماض البصيرة غلاب إذا اشتبهت ** مسالك الرأي صاد الباز بالحجل
إن قال برا وإن ناداه منتصر ** لبى وإن هم لم يرجع بلا نفلي
وحسبه أنه نبي.......... كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس..
هو للصديق كما يحب وللعدى ** عند الكريهة ضيغم زئار
يجتمعون على حربه.. ويحرض بعضهم بعضا.. للوقوف في وجهه.. وعدم التقصير في عداوته.. ويتطاولون عليه بالسخرية.. وهو صامد كالجبل الشهيق في علياءه.. يقرر أن ما جاء به سينفذ.. لو كان الثمن إهلاك هؤلاء الصناديد.. وحاله:
إن قومي تجمعوا وبقتلي تحدثوا ** لا أبالي بجمعهم كل جمع مؤنث
يقول عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما: اجتمع أشراف قريش في الحجر.. فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قالوا: ما رأينا مثل صبرنا على هذا الرجل.. سفه أحلامنا.. وعاب ديننا.. وفرق جماعتنا فبين هم كذلك.. إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فأقبل يمشي حتى أستلم الركن.. وعداته منه تغص وتشرق.. فمغرب من غيظه ومشرق.. ثم مر بهم وهو يطوف بالبيت.. فغمزوه ببعض ما يقول.. وأشاروا بأعينهم وحواجبهم.. وهروا هرير المجحرات اللواهث.. قال ابن عمر: فعرفت ذلك في وجهه إذ تغير.. وظهرت عليه علامات الغضب.. ثم مضى فغمزوه بمثلها.. ثم مضى فغمزوه بمثلها.. فإذا السكون تحرك.. وإذا الخمود تلهب.. وإذا السكوت كلام.. يستنزل الهلك من أعلى منابره.. ويستوي عنده الرعديد والبطل.. فسل حساما من بيان فهومه.. فرد سيوف الغي مفلولة الحد.. قال : تسمعون يا معشر قريش أما والذي نفس محمد بيده.. لقد جئتكم بالذبح.. ألا إنها لو تنزلت على جبل.. أهوت به وهو خاشع.. فأخذت القوم كلمته.. حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر.. حال الجريظ دون القريظ.. صادف در السل در يدفعه.. في هضبته ترفعه وتضعه.. وإن أشدهم وصات على إيذاءه.. ليرفؤه ويسكنه بأحسن ما يجد من القول.. يا أبا القاسم انصرف راشدا والله ما كنت جهولا.. والله ما كان جهولا صلى الله عليه وسلم..
لكنه جبل الوقار رسا وأشرف ** واعتلى وسما فطأطأت التلال رؤوس
من أنكر الفضل الذي أوتيته ** جحد العيان وأنكر المحسوس
كذلك كان إذا غضب.. ولا يغضب إلا لله ثم لا يقوم لغضبه شيء..
فإذا أوثير رأيت بركان رمى ** حمما ودك الأرض زلزالا
ترى الرجال وقوفا بعد فتكته ** بهم يظنون أحياء وقد قتلوا
وحسبه أنه نبي............ كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس.. أدركته القائلة في إحدى غزواته في واد كثير العظاح.. فنزل تحت سمرة وعلق بها سيفه.. وتفرق عنه أصحابه.. فجاء أعرابي فاختلط سيفه وسله.. ويا لله عدو متمكن وسيف شاهر وموت حاضر.. يقول: يا محمد أتخافني..؟؟ فلا نفس جزعت ولا حال تغيرت ولا روعة حصلت..!! وما كان إلا الرعد دعوى هديده.. يقول:......... لا........
كأنما الليث شبيه له ** فهو أخو الليث لام وأب
من اتق الله فأسد الشرى ** لديه مثل الأكلب العاوية
قال: فمن يمنعك مني يا محمد..؟؟ فاستحضر عظمة الله وقدرته ونصرته لأولياءه.. وقال..
يهوي فصيح القول من لهواته ** كالصخر يهبط من ذرى ثهلان
............ الله........... فخارت قواه وانحلت وسقط السيف من يده وأمكن من نفسه.. وقال: كن خير آخذ يا محمد فعفا عنه يتألفه.. فالله ما أشجعه وما أحلمه..
تهوي الجبال الراسيات وحلمه ** في الصدر لا يهوي ولا يتزعزع
رجع الأعرابي إلى قومه يقول جئتكم من عند خير الناس.. حاله:
قضيت التعجب من أمره ** فصرت أطالع باب البدل
وحسبه أنه نبي.......... كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس.. خبيرا بفنون المنازلة.. يزلزل الخصم فيوهي بنيانه.. يقوض أركانه.. يرعب جنانه..
عزيمته ترد الغمد سيفا ** وحكمة تر السيف غمدا
إن تعدوا يا سيف لتستعينه ** أجاب قبل أن تتم سينه
ثبت في سنن الترمذي رحمه الله.. أن ركانة مصارع لم يضع أحد جنبه على الأرض.. طلب منازلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومصارعته تبجحا بقوته وإعجابا ببنيته وسطوته.. معه ثلاث مئة من الغنم وقال: يا محمد هي لك أن تصارعني..؟؟
وساوس إبليس تغشى النظر ** وتخفي عن العقل نور الفكر
أي ركان أرح المطية ولا تكن ** كمحاول صيد النجوم من المياه الركد
هل لك أن تصارعني يا محمد..؟؟ فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا العرض وسيلة لهدف أسمى من المصارعة.. وهو إسلام هذا الرجل مع توظيف هذه الطاقة المتفجرة لإعلاء كلمة الله.. لا يريد صرعه لا يريد قتله.. وإنما يريد حياته.. فما هو إلا الغيث.. أما وقوعه خصب.. وأما ماؤء فطهور صلى الله عليه وسلم.. عامله صلى الله عليه وسلم على أنه غريق بحاجة إلى من ينتشله.. حاله:
يا رب حيران لو شئته ** تدا ظمئآن لو شئت وردت
يقول له: وما تجعل لي إن صرعتك..؟؟ فقال: مئة من الغنم.. فصارعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرعه.. فقال ركانة: هل لك في العود..؟؟ قال صلى الله عليه وسلم: وما تجعل لي إن صرعتك..؟؟ قال: مئة أخرى فصارعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرعه..
هو بالله وهل يخشى انهزاما ** من يكون الله في الدنيا نصيره
قال: هل لك في العود..؟؟ قال صلى الله عليه وسلم: وما تجعل لي إن صرعتك..؟؟ قال المئة الباقية فصارعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرعه.. ثم بقي عليه كسرت شوكته ومالت هامته.. ارتطم بالأرض ظهره هوى بأسه وهوت قواه.. ومع ذلك فقد ذهب ماله وصار حاله:
وإني لمقدام وعندك هائب ** وفي الحي سحفان وندك باقل
ثم قال: يا محمد والله ما وضع جنبي على الأرض أحد قبلك.. وما كان أحد أبغض إليّ منك وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.. حاله: والله ما على الأرض أحد أحب إليّ منك اليوم
وأسبلت العينان منه بواكف ** من الدمع يجري بعد سح بوابلي
والليل ولى والظلام تبددا ** والصبح أشرق والضياء تجددا
فصار حال ركانة.. عملت الجزم بي.. وخفضت مني محل النصب.. ثم رفعت حالي.. قام عنه صلى الله عليه وسلم ورد عليه غنمه.. وهدفه هدايته.. فما الدنيا والله ببغيته.. يرى الدنيا وإن عظمت وجلت لديه.. أقل من شسع النعال.. ومن شيمة العضب المهند.. أنه يخاف ويرجى مغمدا ومجردا.. وحسبه أنه نبي.....
تبلى عظامي وفيها من محبته ** حب مقيم وشوق غير منصرم
كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس.. لا يجارى في قوة رأيه وإدراكه وبعد نظره فطن..
تكاد العمي تبصر الدجى لو ** أنها اكتحلت بنور ذكائه
وقف ضد رغبات أصحابه يوم الحديبية حين بركت ناقته فأعلن مقسما.. والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم.. حاله: مع حرمات الله فديتك بالسويدا من فؤادي.. ومن حدقي فديتك بالسواد.. دارت المفاوضات وسدت قريش السبل وأشيع مقتل عثمان رضي الله عنه.. فبايع أصحابه تحت الشجرة على الموت وعدم الفرار.. وتحت ذلك التصميم أرسلت قريش سهيل للصلح..
ولا ملامة إن هابوا وإن حرجوا ** لا يزار الليث إلا فرق الغنم
أجبتهم معلنا بالسيف منصلتا ** ولو أجبت بغير السيف لم تجبي
النبي صلى الله عليه وسلم يفاوض من مركز قوة.. ويتنازل في بعد نظر وأصالة رأي.. عن بسم الله إلى باسمك اللهم.. وعن رسول الله إلى محمد ابن عبدالله..
عذب المناهل غير أن ورودها ** نار المنايا حوله تتأجج
وكانت قريش إذ تأبى لشرطها ** كباحثت عن مدية تستثيرها
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل برد من جاء من المسلمين مهاجرا ولا العكس.. ويعلل ويقول: من ذهب منا إليهم فأبعده الله.. ومن جاءنا فرد جعل الله له فرجا ومخرجا.. وثقل ذلك على المسلمين وذهلوا عن أنفسهم.. لما أعيد أبو جندل رضي الله عنه إلى أبيه يرفس في قيوده.. يضربه أبوه في وجهه ويأخذ بتلابيبه وهو يستصرخ.. أأرد إلى المشركين وقد جئت مسلما..؟؟ فاضطرمت القلوب واضطربت.. وزلزل الهم قاصيهم ودانيهم.. حتى السماء رأوها غير ما عهدوا.. أما الصديق رضي الله عنه فقد تلقى ذلك بالرضا والتسليم.. فكان قلبه على قلب محمد صلى الله عليه وسلم حاله:
والكف ليس الزند ينكر قربه ** والعين لا يقسوا عليها المحجر
من لحمه لحمي ومن دمه دمعي ** وعلى محبته أموت وأحشر
أما عمر رضي الله عنه لعظم الوارد عليه.. أبى إلا أن يعلن عما في نفسه فيقول: يا رسول الله ألست نبي الله حقا..؟؟ ألسنا المسلمين..؟؟ أليسوا بالمشركين..؟؟ ألسنا على الحق وهم على الباطل..؟؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي عمر حرية إبداء رأيه .. مع تسديده بلا عقاب ولا تجريم.. ويقول لعمر في كل ذلك: بلى.. بلى.. فيقول عمر: فلم نعطي الدنية في ديننا يا رسول الله.. فيقول صلى الله عليه وسلم إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري.. ويذعن الفاروق ويؤنب نفسه بعد.. وماهي والله إلا غيرة على الإسلام منه.. فهم بعدها هو وغيره إنما يحقق المكاسب العليا للإسلام.. فهو السنة النبوية والسياسة الشرعية التي يجب أن تقتفى.. فأذعنوا وندموا وعرفوا قصورهم فاقتصروا..
أخاطب البرق إن يسقي ديارهم ** ولو أراد بدمعي أو أراد دمي
معشر الأخوة: ومع ما فيه الصحابة من غم لا مزيد عليه.. لم يخرجوا عن طوع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وهم يرون سهيل فردا في جيش يتمادى في تفاوضه.. فلم ينله أحد بأذى وإنما مرجعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ورسول الله يسعه بالحلم حتى وصل إلى الغاية المنشودة من الصلح.. وانبلج الصبح فإذا الصلح فتح.. والغبن في الظاهر نصر.. سمعوا كلام الله وعظمت حرمات الله..
وكلما أوقدوا نارا بها احترقوا ** وأحدثوا الحرب فيهم يحدث الحرب
هكذا تبدوا شجاعة وسياسة رسول الله صلى الله عليه وسلم العملاقة.. إلى جانب سطحية التفكير لدى زعماء المشركين.. فشرطهم الذي اشترطوه تعنتا واستعلاء.. كان وبالا عليهم حيث سبب لهم حروبا عصابات على أيدي أبي بصير وصحبه لم يحسبوا لها حسابا..
حتى أقامت رؤوسا كان يحبلها ** أجلاف قوم وفي أعناقهم صعر
فقدوا الهدف الأعلى من الصلح.. وهو تأمين طريقهم إلى الشام.. فعادوا خاضعين ذليلين يعلنون تنازلهم عن شرطهم الجائر.. ويرجون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤوي كل من جاءه من المسلمين..
فصار لواء الحق بالنصر خافقا ** وظل لواء الشرك بالذل يقهر
فما هو في صورته الظاهرة ظيم للمسلمين.. هو عز وفتح ونصر مبين.. نزلت السكينة على المؤمنين ودخل في دين الله أضعاف ما دخل قبل من المشركين.. وما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه.. وتم تحييد قريش وتكبيلها بهذه المعاهدة.. فلم يفكروا في الحرب لعشر سنين..!! فحول المسلمون المعركة إلى اليهود وغيرهم من المجرمين..
عافوا المذلة في الدنيا فعندهم ** عز الحياة وعز الموت سيانيفَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ | |
|